البكاء ظاهرة شائعة لدى جميع
المواليد، وعلى الرغم من كم الإزعاج الذي يصيب الأم عندما يبكي طفلها، إلا
أنه لا مفر من بكاء الطفل. وتشير الدراسات إلى أن البكاء لا يقتصر على
الطفل المريض فقط، لأنه حتى الأصحاء منهم يمكن أن تتراوح فترات بكائهم في
اليوم ما بين الساعة والثلاث ساعات. ولو فكرنا في الأمر قليلاً، سنجد
تبريراً مقنعاً لهذا البكاء، فالطفل المولود لا يستطيع أن يفعل شيئاً لنفسه
ويعتمد على من حوله لسد حاجته من الطعام والدفء والراحة. ويعد البكاء هو
وسيلة التعبير الوحيدة المتاحة أمامه للمطالبة باحتياجاته.
ربما
تكمن المشكلة وخاصة لدى الأمهات الجدد، أنه في بعض الأحيان تجد الأم صعوبة
في فهم الرسالة التي يحملها بكاء طفلها، هل هي الجوع، أو البرد، أو العطش
أو الملل أو الرغبة في نيل شيء من الحب والعطف؟! وقد تشعر الأم في الأيام
الأولى من عمر طفلها بأنها عاجزة عن فهم سبب بكائه، ولكنها ستتعلم بمرور
الأيام التمييز بين درجات بكائه، وتصبح قادرة على توقع احتياجاته.
ومع
تقدم الأكفال في النمو يقل بكاؤهم، وذلك لأنهم يتعلمون تدريجياً وسائل
أخرى للتواصل مع المحيطين بهم، فعلى سبيل المثال، تتطور قدراتهم على
التواصل مع اللآخرين بنظرات العيون، وإحداث الضوضاء، وحتى الابتسام،
وجميعها أمور تقلل من حاجتهم إلى البكاء.
وفي مايلي نعرض أكثر أسباب البكاء شيوعاً لدى الأطفال، وسبل التعامل معها..
- أنا بحاجة إلى الغذاء
الجوع هو السبب
الأكثر شيوعاً لبكاء المولود الجديد، وعلى قدر صغر عمر الطفل، يكون على
الأرجح يبكي بسبب حاجته إلى الطعام، والاستثناء لهذا هو في أول يوم أو
يومين بعد الولادة، حيث تكون كمية الغذاء التي يتناولها الطفل قليلية جداً.
وهذا الأمر تدركه الأمهات المرضعات، حيث أن حليب الأم يكون شديد التركيز
في الأيام الأولى، وهو ما يعرف باسم "اللبأ" ويستمر ذلك لنحو ثلاثة أيام
يبدأ بعدها الحليب يتدفق بكميات أكبر، ونظراً لأن معدة الطفل الصغر لا تتسع
للكثير من الغذاء ينبغي على الأم أن تسارع لتقديم ثديها له، تحسباً لأن
يكون بكاؤه بسبب الجوع، وفي حال حصل الطفل على حاجته من الحليب لكنه لم
يتوقف عن البكاء، على الأم أن تبحث عن سبب آخر لبكائه.
- أنا بحاجة إلى الراحة
سوف يحتج
الرضيع بقوة إذا كانت ملابسه ضيقة عليه، أو كانت حفاظته مبللة، وفي الحقيقة
أن ردة فعل الأطفال تحتلف في ما بينهم حيال اتساخ أو ابتلال الحفاضة.
فبعضهم لا ينزعجون من ابتلالها في حين أن الغالبية لا يحتملونها.
وهناك
أمر آخر يخص النوم، إذ من السهل أن نفترض استسلام الأطفال إلى النوم أينما
كانوا، بحاجة إلى ذلك، وذلك ببساطة لأن معظمهم يفعلون ذلك. ولكن الأطفال
المعتادين تلقي الكثير من الاهتمام ربما لا يكونون من هذا النوع، لأن
انشغال الأم لبعض الوقت عنهم قد يصيبهم بالقلق وبالتالي يجدون صعوبة في
الاستسلام للنوم رغم حاجتهم إليه. وخير دليل على ذلك، أولئك الأطفال الذين
يبكون بشدة عندما يأتي الأقارب لزيارتهم، أو في نهاية اليوم، عندما تكون
الأم منشغلة بترتيب المنزل او مساعدة أطفالها الآخرين في استذكار دروسهم.
ولو جربت الأم أن تغلق عليها وعلى أطفالها الباب وتأخذه مفي حضنها وتدندن
له بعض الأغاني الحميمة سيشعر بالاطمئنان ويستسلم للنوم.
- أنا بحاجة إلى الدفء
بعض الأطفال لا
يحبذون الاستحمام أو تغيير الحفاضة. لأنهم ليسوا معتادين الشعور بالبرد،
ويفضلون الدفء والتدثر بالأغطية، ومؤكد أنه بمرور الوقت ستلاحظ الأم على
طفلها إن كان يتأثر بالبرد أم لا، وستتعلم كيف تغير له حفاضته على وجه
السرعة وفي أجواء دافئة. ولكن لا تبالغ في تدفئته لكيلا يشعر بالحر، والحل
المثالي هو إلباسه قطعتين من الملابس. وفي إمكان الأم أن تتأكد من حقيقة
شعور طفلها، البرد أو الحر، من خلال تحسس بطنه، فإذا كان دافئاً، فهذا يعني
أنه لا يحتاج المزيد من الملابس والأغطية، ولكن إن كانت درجة سخونته عالية
فهذا يعني أنه يشعر بالحر وينبغي تخفيف ملابسه، أما إذا بدا بارداً فهذا
يؤكد حاجته إلى المزيد من الدفء.
- أنا بحاجة إلى الحنان
يحتاج بعض
الأطفال إلى قدر كبير من الحنان من أجل الشعور بالطمأنينة، وفي حين أن
الطفل الأكبر سناً يمكنه أن يهدأ ويسترخي لدى رؤيته وجه أمه أو لدى سماعه
صوتهاـ إلا أن المواليد الجدد غالباً ما يحتاجون إلى وسائل اتصال أكثر
حميمية من أجل الشعور بالأمان، ويتجلى ذلك عندما ترضع الأم طفلها أو تغير
له حفاضته، حيث يتعلق بها ويرفض أن تبتعد عنه، وربما يشعر بعض الآباء
بالقلق من أنهم سوف يفسدون أطفالهم إذا هم أكثروا من حملهم، إلا أنه في
الحقيقة من المستحيل أن يستغني الطفل عن حاجته إلى الحمل خلال الشهور
القليلة الأولى من حياته، وربما تكون "الحالملة" حلاً جيداً للأمهات اللاتي
ليس لديهن الوقت الكافي لحمل أطفالهن، حيث تسمح لهن بإبقاء أطفلهن قريبين
منهم وأيديهن حرة طليقة لأداء مهام أخرى.
- أعاني المغص القولوني
بكاء الطفل قد
يكون إحدى علامات إصابته بالمغص القولوني. ووفقاً للخبراء يعاني طفل واحد
من بين كل خمسة أطفال هذا المغص، الذي يكون عادة مصحوباً بفترة بكاء قد
تطول إلى ثلاث ساعات أو أكثر خلال اليوم، وقد يطول بكاؤه ويستمر أكقر من
ثلاثة أسابيع.
ولكن البكاء ليس هو العرض الوحيد الذي يدل على إصابته بالمغص فهناك أعراض أخرى يجب أن تكو مصاحبة للبكاء ليكون التشخيص صحيحاً.
وتشمل:- يحدث البكاء بصورة مفاجئة، لأنه بمجرد إحساس الطفل بالمغص يتبدل حاله على الفور.
- بكاؤه يشبه الصراخ، يصاحبه ضم الساقين معاً ورفعهما تجاه الصدر.
- تيبس في البطن والذراعين والساقين.
من
الناحية الطبية لم يتم التوصل حتى الآن إلى الأسباب التي تسبب المغص
للأطفال لكنها حالة تنتهي مع إتمام الطفل شهره الثالث، ورجحت دراسة حديثة
أن يكون المغص من علامات تواصل نمو الجهاز الهضمي عند الطفل.
- في كثير من الأحيان ينعم الطفل بالدفء وبالقدر الكافي من الرضاعة
وحفاضته نظيفة لكنه لا يتوقف عن البكاء، ما يدفع بالأم إلى التساؤل بينها
وبين نفسها إن كان مريضاً أو به شيء لا تعرفه، ولكن في الحقيقة أن بعض
الأطفال يبكون من لا شيء، وأفضل حل لتهدئتهم هو اصطحابهم في جولة في
الخارج، أو الغناء لهم، فهناك أطفا يهدأون عندما يسمعون الأصوات العالية
مثل الراديو أو حتى صوت الخلاط، وعلى الأم ألا تبالغ في قلقها لأن بكاء
المرض يكون معروفاً، حيث يصاحبه أنين يدل على شعور الطفل بالألم.
ماذا تفعل الأم عندما يبكي طفلها؟هناك
أشياء كثيرة يمكن للأم أن تفعلها عندما لا يتوقف طفلها عن البكاء. أولها
أن تحافظ على هدوء أعصابها قدر الإمكان، ولا ينصح بذلك لأجل مصلحة الأم فقط
وإنما لأجل مصلحة طفلها أيضاً وذلك لأن الأطفال يتأثرون بحالة أمهاتهم،
فعندما تكون الأم متوترة ومحبطة تنعكس الحالة نفسها على طفلها، وسوف يعبر
عن ذلك بالاستمرار في المزيد من البكاء. ويجب على الأم أن تأخذ في اعتبارها
أنه مهما طالت فترة بكائه سيأتي الوقت الذي سيتوقف فيه عن البكاء.
وربما
يهدأ الطفل إذا حصل على بعض التدليك لظهره وبطنه، حيث يشعر بالاسترخاء
ويخفف آلام المغص، فتشعر الأم بالانتعاش لأنها تكتشف أنه بمقدورها أن تفعل
شيئاً لمساعدة طفلها المتألم.
ويمكن للأم أن تجرب أيضاً هز طفلها
برفق، أو تستعين بالكرسي الهزاز أو الأرجوحة، ولكن عليها ألا تبالغ في هزه
لأن الدراسات أثبتت أن هز الطفل بقسوة يؤثر على دماغه، وقد يسبب له نزيفاً
دماغياً. وفي كثير من الأحيان قد لا تجد الأم مفراً من اللجوء إلى اللهاية،
ولكن في جميع الأحوال عليها أن تعتني بنظافتها، وألا تدع طفلها يعتادها
لفترة طويلة لأن بعض الدراسات أشارت إلى أنها تشوه بزوغ الأسنان.